الاثنين، 27 أكتوبر 2008

الخوف من المدنية


















المدنية أسلوب حياة وأسلوب وعي, دخلت قاموس العصر الحديث بتوسع الوعي والمدارك والمهام البشرية مع التوسع السكاني المتركز في المدن بشكلٍ أساسي , توجب تمركز تنوعي ونوعي مختلف الميول والأفكار والمعتقدات , تنوع المهارات وأنماط المعيشة القائمة على الانسجام في الوظائف البشرية وأساليب الحياة العامة والعمل الصناعي محكوم بطبيعة تخالطيه
ضرورية من أجل الوجود والتطور , قائمة على أساس وحدة الحياة والمصير تقوم على تبادل الأفكار والمهام من خلال مؤسسات ونوادٍ, جمعيات وأحزاب ترعى شؤونها وطموحاتها وتعبر عن تفاعلها من خلال هذه المؤسسات ,فيرتفع عندها الانسجام وتزداد المنافسة السلمية في إيجاد وسائل أرقى وحياة أفضل ومهام ترفع من مستوى نشاطها لإحراز بنية متطورة وفعّالة في حياة المجتمع يمكن أن توفر أجواء في غاية الروعة والحب والتآلف بين جميع البنى المختلفة والمتغيرة , والإشراف السلمي على هذه الطبيعة التعاقدية يتم من خلال سلطة سياسية تنظم هذا التفاعل بحرية وسلمية قادرة على تشجيع النشاطات الخلاقة في بنية المجتمع.
فالدولة القادرة على احتضان مجتمع مدني مختلف النماذج الفكرية والسلوكية تكون على مستوى عالٍ من التنظيم في جميع مرافقها العامة وقادرة على تأمين الضمان ولرفاه في مستوى مقبول يمكن أن يوفر للجميع في بناء حيلة متطورة وإنسانية , لأن الحيوية الفاعلة تخرج عن طبيعة الإنسان الحر والمستقر بما يعزز نظام التكافل الاجتماعي ويعطي الوعي طاقة الإبداع الخلاق.
هذا الواقع الأفلاطوني المتطور يخيف المجتمعات الأقل قدرة على التكيف , لأنها مجتمعات قائمة على العصبية القبلية والانحلال والتفرقة والطبيعة السكانية قلقة ومطربة مزودة بإرث فكري فوقي سلطوي إملائي لا يشجع البوادر الحرة وبعيد عن لغة الحوار الهادف حوار مسؤول ومتحرر من الانحياز والتبعية والهيكلية التعاقدية قائمة على مستويات بنائية تعوزها الهيكلية والوعي الثقافي والمنظمات والجمعيات المدنية القادرة على توليفها وتأمين تآلفها لبناء مصالح مشتركة ووعي قابل للتكيف مع التعددية الفكرية ة والعقائدية , والعيش في سلام واحترام مع عقائد ومعتقدات مختلفة.
فالوعي المبني على لغة الإقصاء والتجريم والتحريم يعاني صعوبة واسعة في نشاطه الاجتماعي
إنه وعي حدي يرفض الحوار العقلاني وبالتالي فإن النفسية العصبية لديه متعمقة في وجودها التاريخي .
مخطئ من يظن بأننا نتهم أحداً لأن الطبيعة الخلافية والتنا حرية ومجمل البناء الفكري المتراكم أوصل هذا التنوع إلى نوعيات متباينة , هذا التنوع يمكن يغني الحياة المدنية ويعطيها القدرة على التكيف والتمدد مع الواقع الراهن عندما تنتهي العصبية ويزول الاحتراس وينتهي الإملاء والإقصاء بوسائل الترهيب والضغط , لن طاقة الانفتاح قادرة على صنع المعجزات في الواقع البشري , فقد تكيّف الهنود الحمر مع المدنية الحديثة ودخلوا مجرى التاريخ البشري من بابه الإنساني .
فالطبيعة البشرية قائمة على المعرفة المتوسعة والنامية وقائمة على توازن العقل في محيطة الشامل , فالشعوب النامية تسارع للوصول إلى مستوى الحياة الإنسانية الراهنة من خلال الاهتمام والانتباه وإدراجها في مسؤولية البناء والتغيير عندها يمكن أن ترتقي إلى مستوى مدني مرموق قادر على التعايش والتفاهم مع الحضارات المتواجدة في النظام البشري والمساهمة في بناء الحضارة الإنسانية القادمة.

ليست هناك تعليقات: