الاثنين، 27 أكتوبر 2008

بنية التوافق العقلي
















الوجود كوعي متعمق في معاني الموجودات الدَّالة على وجوده المتداخل والمنسجم مع غاياته, المعبرة عن محتواها المتلازم مع أصل الوجود.
فالمنظومة الكونية مرتبطة بقواعد تعمق تلازم البقاء المتكافئ لجميع منظوماتها المعبرة عن مسارات تحقق تفاعلاً فيما بينها لتأمين التلازم في الحركة المتداخلة مع قوانينها الدقيقة المؤدية لسر استقرارها المستمر.
فالكون مجال متوسع مدرك بالوعي العقلي المرتبط فيه لأن الطبيعة العقلية تنسجم مع مجالها الموحد.
وكل منظومة كونية لها مجالها الخاص وتمتلك طبيعة عقلية متوافقة معها ككينونة مستمرة في الوجود, والعمق الدال على معناها يعبر عنها بنوعيته الخاصة فيها وبالتالي فإن الكون هو نظام لتفاعل الحياة العقلية في جميع أرجائه, وعندما تتفاعل كينونة عقلية مع مجال خارج مجالها الخاص تندمج به لتخرُج من نظام المحاصرة العقلية في مجالها الخاص, والتطبيق المقترن بهذا الوعي يقودنا إلى فهم طبيعتنا العقلية في مجالنا الأرضي المغلق. فالطبيعة العقلية للبشر ضمن خارطة الوجود الكلي تعبر عن ماهيتها الخاصة بها لأن وعينا مرتبط بوجودنا حصراً, وكل المعارف المشكّلة قادمة من تاريخ التطور البشري وما تواصل معه من متلازمات طبيعية وكونية, هذا العقل يتغير مع المتغيرات المتلازمة مع تطوره, فالضرورة مرتبطة بجود الأشياء والأحياء, والعلاقة هي نظام التفاعل المختلف لطبعة العقل المختلف,والانفتاح وحده القادر على رسم المعالم الأساسية للتوسع العقلي, فكل ما يدخل في نظام الحياة ضروري لوجود الحياة والمعرفة وحدها تقودنا نحو التوسع في إدراك المحتوى الضروري للحياة نفسها, فالتلازم قائم بين الوعي والوجود لوعي الوجود نفسه.
لا يتوسع الوعي في إطاره المنغلق لأن جميع الأحكام المستخرجة من طبيعة الانغلاق العقلي ستكون قاصرة عن فهم الطبيعة المتعددة للوجود, وقاصرة عن فهم الطبيعة المتعددة للعقل, ومهما بلغ الفكر من التوسع والمرونة سيكون غير قادر على التلازم والتفاعل مع غيره بدون فهم محتواه واستيعاب هذا الفهم في بنائه الخاص وكل إنسان لا يستطيع أن يقول بأنه الإنسانية بدون الوعي الكامل للطبيعة الإنسانية.
وكل نظرية أودين لا يمكن أن يمثلا غيرهما بدون وعيه كاملاً وإدخاله في نظام بنيته والتكوين الطبيعي للعقل يعمق وعي محتواه الكلي ليدخل في نظام الكلية المتوافقة مع جميع أجزائه ومهما تعددت البنى الفكرية ستبقى قائمة على التنافر حتى تعي طبيعتها التعددية فعندما يكون المسلم وغيره قادراً أن يكون مسيحياً ويهودياً وبوذياً وكل ما بني على الطبيعة الإلهية عندها يكون قادراً على التمثل الكلي للوجود الديني مع غيره من الأديان وبدون هذا المحتوى يظل التنافر قائماً في الجوهر وفي البنية المعرفية للذات .
فالتلازم المتحد للعقل مع جميع العقول يقود إلى التوسع في بنية السلوك والمعرفة عندها يتوحد الله في الذات الكلية للبشر وتكون المعرفة معبرة عن طبيعتها التفاعلية ويمكن القياس من هذا المستوى على جميع المستويات المتواجدة في الطبيعة البشرية.
فالذكورة تظل قائمة في الذكر حتى يعي الأنوثة بكل مكوناتها وحاجاتها , ويكون قادراً على تمثلها في ذاته عندها يصل إلى بنيتها المتساوية في علاقته معها .
ولأنوثة تظل قائمة في الأنثى حتى تعي الذكورة بكل مكوناتها وحاجاتها ونكون قادرة على تمثلها ذاتياً عندها تصل إلى البنية المتساوية في العلاقة معه وكل طرف يتمثل الطرف الأخر وعياً ومسؤولية عندها ينتهي التباين في مستوى العلاقة والمعاملة وتظهر الحياة في وجودها الطبيعي.
سخيف من يقول أن العضو يعبر عن امتياز العضوية لأن العضوية وظيفية وليست كينونة عقلية واعية ومستقلة, والعضو الأنثوي يحتضن الحياة ويغذيها ليخرجها كاملة عضوياً يهبها إلى الوجود الحي والمفهوم البيولوجي يعتبره العضو الأهم في إنتاج الحياة, وبالتالي كل الألاعيب والأباطيل المحاكة حوله فاشلة وغير قادرة على الصمود أمام تكوين الحقيقة الأساسية في تكوين الوجود.
فكل معرفة لا تتضمن فهم غيرها تكون ناقصة وانهزامية , وكل إنسان لا يسمح للآخرين بتمثل سلوكه ووعيه يكون أنانياً ودكتاتورياً وانعزالياً ينحذف من هذا الوجود دون أن تستفيد الإنسانية من تراثه. فالقيمة الأساسية لكل إنسان بقدر ما يقدم لبنيته الإنسانية وبقدر ما يحافظ عليها كبنية واسعة وكونية بمكوناتها الذكرية والأنثوية القابلة للعطاء والتجدد في بنية موحدة ومستقبلية , والعقلية القادرة على استيعاب مكونات الوجود يحتفظ بها الوجود نظراً لارتباطها في بنيته والتوافق العقلي العضوي يستوعب البنى المتوافقة والمتفقة في الوجود لأن الارتباط بالحياة يعبر عن الاعتراف بوجودها والتفاعل مع الوجود يعطي الحياة الإنسانية بنية متوافقة مع بنيتها الأساسية ويلغي الوعي المعادي لبنية التطور.

ليست هناك تعليقات: